لعلكِ مررتِ يومًا بفترةٍ تبينَ لكِ فيها أن ابنكِ الذي يعيش سنّ المراهقة يكذبِ عليكِ فيها، ربما من أجل حماية نفسه، أو من أجل التستر على صديقٍ له، أو لأي سبب آخر، ولعلكِ أيضًا تتساءلين عن أفضل أسلوب للتعامل مع هذا السلوك من أجل تخفيفه والحدّ منه، في هذا المقال سنقدمُ لكِ بعض النصائح بهذا الشأن، وسنقدم لكِ بعض الخطوات التي باتباعها ستتمكنين من التعامل مع هذه المشكلة.
ماذا تفعلين مع كذب ابنك المراهق؟
يعدُ الكذب على الوالدَين سلوكًا شائعًا بين مَن هم في سنّ المراهقة، ولعلهم يفعلون ذلك من أجل حماية خصوصيتهم وحريتهم، أو ربما من أجل التستّر على بعض الأخطاء أو الانتهاكات التي قاموا بها، ولعلكِ عند مواجهتك لمثل هذه السلوكات من ابنكِ ستضعين في رأس أولوياتك حماية ابنك ومعرفة الحقيقة من أجل معالجة الأمر، وهذا هو الأمر الصائب. أحد الأبحاث المنشورة في العام 2011 يبيّن أن فرصة كشف شخص يكذب هي خمسين بالمئة في أفضل الأحوال، ولا شكّ أن هذه النسبة ستصبح أقل إذا كان ابنكِ قد استعدّ جيّدا لكذبته، فكيف تتعاملين مع ابنكِ إذا أدركتِ أن لديه مثل هذا السلوك؟ إليكِ بعض النصائح التي ستساعدكِ في التعامل مع ابنكِ الذي يكذب كثيرا.
اصنعي الثقة
لا يجب عليكِ القلق كثيرا من الكذب الذي يصدر من ابنكِ، فليسَ المقصود منه هو إهانتكِ والتقليل منكِ، إنما هو فقط يوضّح العلاقة الضعيفة بين مَن هم في سنّ المراهقة والحقيقة، إذ ربما يكذب عليكِ ابنكِ وهو يحمل بيديه الإشارات التي تدلّ على كذبه، وهذا يدل على أنه فقط يعيش علاقة غير واضحة بعد مع الحقيقة. تشير نانسي دارلينج الأستاذة في كلية أوبرلين إلى أن أفضل الأساليب التي يمكن اتباعها مع ابنكِ الذي يكذب عليكِ هو منحه الثقة، لأن الأبناء في هذه المرحلة العمرية كلما زادت الثقة بهم، حاولوا أن يكونوا على قدر هذه الثقة وحاولوا أن يكونوا أكثر جدارة لاستحقاقها. حاولي فقط أن تضبطي غضبكِ عندما يكذبِ عليكِ ابنك، وامنحيه بعض الثقة، وسترين النتائج.
ابتعدي عن التعنيف
لعلكِ تغضبين كثيرا عندما يكذبُ عليكِ ابنكِ، خصوصا مع خيبة أملك بأنه قد تجاوز القواعد التي قمتِ بتربيتهِ عليها، لكن الغضب الذي يؤدي إلى التعنيف ليس هو الحل، بل إنه قد يزيد من المشاكل، وسيجعل ابنكِ يعتقد أنه لا يمكنه أن يكون صادقا أمامكِ لكي يتفادى تعنيفَكِ. يجب عليكِ إذن الابتعاد عن التعنيف، ولكن لا بأس بالقليل من المناقشة الحادّة، وذلك لتبيّني له حجم إحباطك من سلوكه.
كيف تعرفين أن ابنك المراهق يكذب؟
لعلكِ تتساءلين عن الطريقة الأمثل لمعرفة السلوك غير الصادق عندما يصدر من ابنكِ، لكن ليس هناك طريقة واحدة فحسب لذلك، إنما عليكِ أولا أن تدركي الدوافع التي قد تدفع ابنكِ إلى الكذب، ومنها مثلا حاجته إلى الاهتمام أو لفت الانتباه. إذا كنتِ تدركين أن ابنكِ لا يتلقى اهتماما كافيا فتوقعي منه أن يكذب لكي يحظى باهتمامكِ، وأيضًا، فإن المبالغة قد تدلّ على أن ابنكِ يكذب، ومن الإشارات التي قد تدلكِ أيضًا إلى أن ابنكِ يكذب هي تأخّره في الردّ على أسئلتك، أو تقديمه لمعلومات غير ذات صلة بالموضوع الذي سألتِه عنه. أما عن أهم الإشارات التي قد تساعدكِ على معرفة الكذب عندما يصدر من ابنكِ فهي لغة جسده التي غالبا لن يستطيع التحكّم بها وستقوم بكشفهِ إذا فقط أمعنتِ قليلا فيها، وإليكِ بعض الإشارات الجسدية التي قد تدلك على أن ابنكِ يكذب.
لغة الجسد
من أهم الإشارات الجسدية التي تُخبركِ أن ابنكِ يكذب، ما يأتي: تحدّثه معكِ بنبرة أعلى من النبرة المعتادة، وخصوصًا في الكلمات التي تكون في نهاية الجُمل، وهذا يدلّ على بعض القلق وعدم الأمان حيال الكذب والخداع. تحدثهُ معكِ بشكلٍ أسرع من اللازم، وعدم إعطاء الكلام فترات الصمت المناسبة، وذلك لأن ابنكِ في هذه الحالة سيحاول أن يسرد قصته بسرعة من أجل أن يقنعكِ بها. محاولته لتجنّب التواصل البصريّ معكِ، وهذا عادة ما يدلّ على أنه يملك مشاعرا سلبية ولا يقوى على أن يتواصل معكِ بصريا لأن ذلك قد يؤدي إلى مشكلة في دفاعاته، وعادة فإن الشخص عندما ينظر إلى الأسفل بزاوية، فهذا يعني أنه ينتابه شعور بالسلبية أو إحساس بالذنب. محاولته لوضع مسافة أكبر من اللازم بينَكِ وبينه، أو ربما حماية جسده بقطعة أثاث أو وسادة أو غيره، وهناك قول شائع بأن المسافة المادية تساوي المسافة العاطفية، فإذا ابتعدَ عنكِ طفلكِ في أثناء كلامه فهذا قد يعني أنه يكذب.
كيف يعبر ابنك المراهق عن كذبه؟
عندما يعبّرُ ابنكِ المراهق عن كذبه، فإنكِ عادة بحسّ أمومتكِ ستدركين ذلك على الفور، خصوصا وأن ابنكِ لن يكون على طبيعته التي تعرفينها عندما يكذب، بل ستظهر لديه علامات من عدم الأمان والإحساس بالذنب والتي قد تبدو واضحة بطريقته في الكلام أو في نبرة صوته أو حتى في ارتباكه وتوتّره في أثناء تواصلهِ معكِ.
لماذا قد يكذب ابنك المراهق؟
هناك العديد من الأسباب التي قد تدفعُ ابنكِ المراهق إلى الكذب أو قول أنصاف الحقائق، ولا يجب أن يصيبكِ ذلك بالإحباط دائما، إذ إنّ ابنكِ لديه أسبابه التي يعتقد في نظره أنها منطقية، وإن معرفتكِ بهذه الأسباب قد تساعدك على التعامل بشكل أفضل مع ابنكِ من أجل مساعدته، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
التستّر على الأخطاء من أجل تجنّب الوقوع في المشاكل أو التعرّض إلى العقاب.
الحصول على الاهتمام ولفت الانتباه.
الإحساس بالتوتّر أو عدم الأمان.
محاولة تجنّب الإحراج أو المواقف الصعبة.
حماية الخصوصية.
كيف تعاقبين ابنك المراهق على كذبه؟
لا بدّ أن أول ما يخطرُ في بالكِ عندَ تعرضكِ إلى موقف يكذبِ عليكِ فيه ابنك هو تعنيفه أو حرمانه من المصروف المدرسي أو ربما عزله في غرفته، لكن ذلك لن يؤدي إلى نتائج جيدة دائما، إنما هناك بعض الخطوات التأديبية التي يمكنك القيام بها، والتي ستساعدك في حلّ مشكلة ابنكِ من جذورها، إليكِ بعض هذه النصائح: اشرحي لابنكِ حجم الخطأ الذي قام به، واشرحي له أيضًا أن الكذب والخداع لهما عواقب وخيمة وأن أول شخص سيتعرض لهذه العواقب هو الشخص الذي يكذب. وضحّي لابنكِ أنكِ محبَطة بسبب كذبه عليكِ وذلك حتى يدرك تأثير ما يفعله على مَن هم حولَه. قومي بإعطائه بعض المهام التي لا يقوم بها بالعادة، وذلك كنوع من التأديب، حتى يدركَ أن ما قام به خاطئ ويستحق عليه العقاب. ناقشيه نقاشا مطوّلا حول الكذب، وحول أسبابه، وكيف أنه كان أمام اختيارات أفضل من الكذب كان يجدر عليه أن يختار إحداها. وضّحي له أن الكذب سيعتبر في بيتكِ جريمة خطيرة وسيُعاقب عليه، وذلك حتى لا يتمادى في كذبه؛ مما يرجّح أن يكذب في المستقبل في أمور أكبر. عبري له عن رغبتك في إعادة الثقة به وإصلاح الأمور من أجل إعطائه فرصةً لكي يكون شخصًا أفضل، ولكي يُدرك أن الثقة هي أساس العلاقة بين الأشخاص الذين يحبّون بعضهم بعضًا.
تعليقات
إرسال تعليق